متطلبات الدستور الديمقراطي
كوردي - عربي
بقلم: الدكتورة ڕوبار مجید احمد
دةستور ئةو كۆلَةكة بنچينةييةية كة دةولَةتي هاوچةرخي لةسةر بنياد دةنريَت، هةروةها ئةو چوارچيَوة ياسايية بالاَيةشة كة دةسةلاَتة گشتيةكان رِيَك دةخات و دةسةلاَت و سنورةكانيان دياري دةكات، و ماف و ئازاديية بنچينةييةكاني تاكةكانيش دةستةبةر دةكات، بةلاَم بةهاي رِاستةقينةي هةر دةستوريَك بة رِادةي گوزارشت كردني لة ويستي گةل و پاراستني بنةماكاني دموكراسي پيَوانة دةكريَت نةك بوني رِوالَةتي، ليَرةشةوة چةمكي دةستوري ديموكراسي ديَتة ئاراوة بةوةي كة دةستوريَكة سةروةري گةل بةرجةستة دةكات، و بنةماي سةروةري ياساش دةچةسپيَنيَت، و هاوسةنگي نيَوان دةسةلاَتةكانيش دةستةبةر دةكات، و رِيَز لة مافةكاني مرۆظ دةگريَت بة هةمو رِةهةندةكانيةوة.
دةستوري ديموكراسي لةسةر بنةماي ئةوةي كة گةل سةرچاوةي سةروةري و دةسةلاَتةكانة بنياد دةنريَت، و فةرمانرِةوا رِةوايةتي تةنها لة ويستي هاولاَتيانةوة وةردةگريَت، كة بة هةلَبژاردني پاك و بيَگةرد و خولي گوزارشتي ليَ دةكات، لةبةر ئةوة دةستوري ديموكراسي تةنها دةقيَكي ياسايي نية بةلَكو گريَبةستيَكي كۆمةلاَيةتية كة گوزارشت لة سازانيَكي نيشتماني گشتگير دةكات لة نيَوان پيَكهاتةكاني كۆمةلَگةدا، و بةهاكاني دادپةروةري و ئازادي و يةكساني لة پيَكهاتةي دةولَةت و سيستمة رِأمياريةكةي دا بةرجةستة دةكات.
و لة ديارترين پيَداويستية ينةرِةتيةكاني دةستوري ديموكراسي بريتية لةوةي كة چةند دةقيَكي تيَدا تةرخان بكريَت بۆ پاراستني شكۆي مرۆظ، و مافة شارستاني و رِمياري و كۆمةلاَيةتي و ئابوري و رِۆشنبيريةكاني، چونكة رِيَزگرتن لة مرۆظ و ئازادي لة بيركردنةوة و بير و باوةرِ و گوزارشت كردن ليَيان كرِۆكي ديموكراسية، و پيَويستة كة دةستور ئازادي بير و باوةرِ و بير ِو باوةرِي ئاينني لة خۆ بگريَت بةبيَ زۆر ليَكردن و جياكاري، و هةروةها جۆراو جۆريي كةلتوري و بيركردنةوة و ئايني لة كۆمةلَگةدا بپاريَزيَت، و دان بة يةكساني تةواودا بنيَت لة بةردةم ياسادا لة نيَوان هاولاَتياندا، بة بيَ گويَ دانة رِةگةز يان نةتةوة يان ئاين يان ئاينزا يان بۆچوني رِامياري.
و لة پيَداويستية بنچينةييةكاني تر ئةبيَت دةستور نةرم بيَت نةك چةقبةستو، واتة تواناي هةموار كردن و گةشة سةندني هةبيَت بة جۆريَك لةگةلَ گۆرِانكاري و وةرچةرخانة رِأمياري و كۆمةلاَيةتيةكاندا هاورِيَك بيَت، و ئةمةش تةنها لة دةستي دةسةلاَتي فةرمانرِةوادا نةبيَت، تاكو نةبيَت بة ئامرِازيَگ بۆ دروست كردني چةوساندنةوة و، واتة دةستوري ديموكراسي بةلَگةنامةيةكي زيندوة و بۆ خزمةتي گروپيَك يان پارتيَك دانانريَت بةلَكو بۆ گوزارشت كردن لة بةرژةوةندييةكاني هةمو نةتةوة.
هةروةها دةستوري ديموكراسي وا پيَويستةكات پةيوةندي نيَوان هةرسيَ دةسةلاَتي ياسادانان و جيَ بةجيَ كردن و دادوةري لة سةر بنةماي جياكردنةوة و هاوسةنگي نيَوانيان رِيَكبخريَت، بة شيَوازيَك كة جياكردنةوة و هاوسةنگي نيَوانيان دةستةبةر بكريَت، و دةسةلاَت لة دةستي كةسيَك يان لايةنيَكدا چرِ نةكريَتةوة، چونكة جياكردنةوةي نيَوان دةسةلاَتةكان چاوديَريي هةر دةسةلاَتيَك بۆ دةسةلاَتيَكي تر دةستةبةر دةكات، و رِيَگة لة چةوسااندنةوةي هةريةكيَكيان دةگريَت لةسةر حسابي ماف و ئازاديةكان.
هةروةها مةرجة دةستور ئاماژةي كردبيَت بة بنةماي سةروةريي ياسا، واتة هةموان (فةرمانرِةوا و فةرمان پيَكراوان) مل كةچي برِيارةكاني بن بة بيَ هةلاَواردن، و ياساكان بة دادپةروةري و يةكساني جيَبة جيَ بكريَن، دور لة هةر جياكاري و لايةنگيريةك. هةروةها پيَويستة دةستور مافةكاني كةمينةكان بپاريَزيَت و رِيَگة لة هةژمونگةرايي زۆرينة و بةكار هيَناني دةسةلاَت بگريَت بۆ پيَشيَل كردني مافةكاني پيَكهاتة بچوكةكان، لةبةر ئةوةي ديموكراسي تةنها بة برِياري زۆرينة پيَوانة ناكريَت، بةلَكو بة تواناي پاراستني هةمواني بيَ هةلاَواردن.
و لة كۆتاييدا دةستوري ديموكراسي پيَكهاتةكةي تةواو نابيَت تاكو ئاماژة بة بةهيَز كردني دامةزراوة دةستوريةكان و دةستةبةركردني سةربةخۆييان نةدات، بة تايبةتي دامةزراوةي ياسادانان و دادوةري، بة شيَوازيَك كة بنةماكاني ليَپرسينةوة و رِوني و جياكردنةوةي نيَوان دةسةلاَتةكان بچةسپيَنيَت، و لة نمونة ديارةكاني دةستوري ديموكراسي دةستورة مۆديَرنةكان وةكو دةستوري ويلايةتة يةكگرتوةكاني ئةمةريكا و ئةلَمانيا و يابان كة بنةكاني حوكمي دةستوري مۆديَرنةيان لةسةر بنةماي ئازادي و دادپةروةري و مافةكاني مرۆظ جيَگير كردوة.
بۆية دةستوري ديموكراسي تةنها بةلَگةنامةيةكي ياسايي نية، بةلَكو ويستي نةتةوةيةكة، و ئامرِازيَكة بۆ بنياد ناني دةولَةتي ياسا كة فةرمان دةكات بة دادپةروةري و رِةوايةتي لة گةلةوة وةردةگريَت و پشت بة بةهاكاني ئازادي و يةكساني و شكۆي مرۆظ دةبةستيَت.
يُعدّ الدستور الركيزة الأساسية التي تقوم عليها الدولة الحديثة، فهو الإطار القانوني الأعلى الذي ينظّم السلطات العامة، ويحدد صلاحياتها وحدودها، ويكفل الحقوق والحريات الأساسية للأفراد. غير أنّ القيمة الحقيقية لأي دستور لا تُقاس بوجوده الشكلي، بل بمدى تعبيره عن إرادة الشعب وحمايته لمبادئ الديمقراطية. ومن هنا يتبلور مفهوم الدستور الديمقراطي، بوصفه الدستور الذي يُجسّد السيادة الشعبية، ويُرسّخ مبدأ سيادة القانون، ويضمن التوازن بين السلطات، ويحترم حقوق الإنسان بجميع أبعادها.
يقوم الدستور الديمقراطي على أساس أن الشعب هو صاحب السيادة ومصدر السلطات، وأن الحاكم لا يكتسب شرعيته إلا من خلال إرادة المواطنين الحرة، التي تُعبَّر عنها عبر انتخابات نزيهة ودورية. لذلك، فإن الدستور الديمقراطي لا يُعدّ مجرد نص قانوني، بل هو عقد اجتماعي يعبّر عن توافق وطني شامل بين مكونات المجتمع، ويُترجم قيم العدالة والحرية والمساواة في بنية الدولة ونظامها السياسي.
ومن أبرز المتطلبات الجوهرية للدستور الديمقراطي أن يتضمّن نصوصًا تُكرّس كرامة الإنسان، وتحمي حقوقه المدنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية. فاحترام الإنسان وحريته في التفكير والاعتقاد والتعبير هو جوهر الديمقراطية، وعلى الدستور أن يضمن حرية العقيدة والمعتقد الديني، دون إكراه أو تمييز، وأن يحمي التنوع الثقافي والفكري والديني في المجتمع. كما يجب أن يُقرّ بالمساواة التامة بين المواطنين أمام القانون، بغض النظر عن الجنس أو القومية أو الدين أو المذهب أو الرأي السياسي.
ومن المتطلبات الأساسية أيضًا أن يكون الدستور مرنًا وغير جامد، أي قابلاً للتعديل والتطوير بما يتناسب مع التحولات السياسية والاجتماعية، على ألا يكون ذلك بيد السلطة الحاكمة وحدها، حتى لا يتحول إلى أداة لتكريس الاستبداد. فالدستور الديمقراطي هو وثيقة حيّة قابلة للتجديد، لا تُصاغ لتخدم فئة أو حزبًا معينًا، بل لتعبّر عن مصالح الأمة بأكملها.
كما يقتضي الدستور الديمقراطي أن يُنظّم العلاقة بين السلطات الثلاث: التشريعية، والتنفيذية، والقضائية، على نحوٍ يضمن الفصل والتوازن بينها، بحيث لا تُركّز السلطة في يد شخص واحد أو جهة واحدة. فالفصل بين السلطات يضمن مراقبة كل سلطة للأخرى، ويحول دون طغيان أيٍّ منها على حساب الحقوق والحريات العامة.
ويُشترط أيضًا أن ينصّ الدستور على مبدأ سيادة القانون، بحيث يخضع الجميع — حكّامًا ومحكومين — لأحكامه دون استثناء، وأن تُطبّق القوانين بعدالة ومساواة، بعيدًا عن أي تمييز أو تحيّز. كما يجب أن يحمي الدستور حقوق الأقليات ويمنع هيمنة الأغلبية أو استغلالها للسلطة في انتهاك حقوق المكوّنات الصغيرة، لأن الديمقراطية لا تُقاس بحكم الأغلبية فحسب، بل بقدرتها على حماية الجميع دون استثناء.
وأخيرًا، لا يكتمل الدستور الديمقراطي إلا إذا نصّ على تعزيز المؤسسات الدستورية وضمان استقلالها، وخاصة المؤسسات التشريعية والقضائية، بما يرسّخ مبادئ المحاسبة والشفافية والفصل بين السلطات. ومن النماذج البارزة للدساتير الديمقراطية المعاصرة دساتير الولايات المتحدة الأمريكية، وألمانيا، واليابان، التي أرست أسس الحكم الدستوري الحديث القائم على الحرية والعدالة وحقوق الإنسان.
إن الدستور الديمقراطي ليس مجرد وثيقة قانونية، بل هو إرادة أمة، وأداة لبناء دولة القانون التي تُحكم بالعدل، وتستمد شرعيتها من الشعب، وتستند إلى قيم الحرية والمساواة وكرامة الإنسان.
